كتب ومقالات

مقالات متنوعة

الأزمة الفلسطينية الفلسطينية . . الإنتخابات هي الحل

2018-06-02 01:25:03

 

 

 

 

الأزمة الفلسطينية الفلسطينية

الانتخابات هي الحل

                                                            مروان كنفاني

يبدو بوضوح لا يحتاج الإثبات أن الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده في الوطن والشتات، وربما باقي شعوب العالم، قد وصلوا لقناعة بأن " المصالحة" التي شغلتهم خلال حوالي ثلاثة عشر عاماً مهدورة من تاريخ النضال، كانت مجرد سحابة صيف لم ينتج عنها سوى المزيد من التناقض والخلاف بين الفصيلين الأكبر في الساحة السياسية الفلسطينية. ولقد تولت العاصمة المصرية  وحدها، إلى جانب محاولات قليلة ومتناثرة من عواصم عربية أخرى في وقت سابق، الدعوة إلى  العديد من اجتماعات للفصائل الفلسطيينية منذ عام 2003 وحتى بداية هذا العام، لمحاولة التوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح العمل فلسطيني والتشارك في مواجهة الأخطار التي تتعرض لها القضية الفلسطينية على مختلف الصعد. قد يمكن لغالبية الشعب الفلسطيني، وربما الشعوب العربية أيضاً، تفسير هذا الفشل المؤلم على أن الطرفين المعنيين لا يرغبان، لمصالح وامتيازات والرغبة في التفرّد والتماشي مع ارتباطات وتحالفات مختلفة، من التوصل إلى مصالحة حقيقية بينهما.

إن فشل حركتي فتح وحماس خلال أكثر من عقد من الزمن إلى صيغة عمليّة تُنهي التشرذم الفلسطيني وتعيد اللحمة للشعب الفلسطيني والأرض التي تبقّت له من فلسطين قد فتح الباب على وسعه لشرعنة وتثبيت فصل قطاع غزة عن الجسد الفلسطيني الأم. اليوم تتحدث إسرائيل والعالم، وبعضنا، عن اجتماعات ومؤتمرات لإيجاد حل للصعوبات التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وعن الممانعات الحمساوية والعقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية، وعن تصميم إسرائيل والدول الأوروبية والولايات المتحدة على دعم إقتصاد وقدرات القطاع بشكل مباشر يتخطى السلطة الوطنية الفلسطينية. إن هذا الإتجاه هو أول خطوات القسمة النهائية بين الشطرين المتبقيين للغلسطينيين.

لا تريد إسرائيل احتلال أو ضم قطاع غزة، ولكنها لا تريد أيضاً أن يكون قطاع غزة جزء من الكيانية السياسية الفلسطينية. كان ذلك الهدف الإسرائيلي معروف للقيادات الفلسطينية، ويقيناً في ذهن وضمير الرئيس الشهيد ياسر عرفات. حاولت إسرائيل أثناء مفاوضات إتفاق أوسلو المستحيل لفصل انسحابها من الضفة الغربية إلى وقت سابق أو لاحق عن انسحابها من قطاع غزة، وأصرّ الرئيس الراحل على تلازم وتوافق الانسحاب بين الضفة وغزة. أمرني الرئيس فور استلامنا مدينة غزة في شهر مايو/أيار 1994 بمرافقة اللواء نصر يوسف قائد قوات الأمن وجيش التحرير الفلسطيني الذي كان ابتدأ بتسلم أجزاء من قطاع غزة والتوجه فوراً لاستقبال قوات جيش التجرير الفلسطيني القادم من المملكة الهاشمية للبدء في إستلام أراضي في الضفة الغربية. عندما وصل الرئيس عرفات إلى غزة في السابع من شهر يوليه/تموز من عام 1994، كان همه الأول، رغم انشغاله بالإستقبال التاريخي للشعب الفلسطيني والبدء بإرساء الأمن والنظام، هو الإنتقال للضفة الغربية دون تأخير. لم يقبل الرئيس الراحل الذهاب من القطاع للضفة عبر الأراضي التي احتلتها إسرائيل علم 1948، كما لم يرغب للعودة إلى القاهرة والسفر جوّاً إلى عمان ومنها عبر نهر الأردن إلى فلسطين. عندما اقترح أحد معاونيه أن نستعين بطائرة هيلوكبتر تنقلنا إلى الضفة الغربية طلب مني الرئيس الإتصال فوراً بالسفيرين الفلسطينيين في كل من القاهرة وعمان لترتيب ذلك. لم يستغرق المرحوم السفير زهدي القدرة، سفيرنا الكفء في القاهرة، وقتاً طويلاً  حين أبلغني أن السلطات المصرية جاهزة لإرسال طائرة هيلوكبتر لنقل الرئيس إلى أريحا في صباح اليوم التالي، وهكذا كان. استجايت أيضاً عمان في وقت قصير لاحق لطلب الرئيس عرفات وعبّر الرئيس عن امتنانه. أقل من ستة سنوات مرت على ذلك التاريخ حين برهن الرئيس الراحل مرة أخرى، هذه المرّة التي كلفته حياته نفسها، على أهمية هذا الموضوع عندما حاصرته قوات الاحتلال في رام الله  وأتاحت له الذهاب إلى قطاع غزة والإقامة الدائمة هناك دون العودة مرة أخرى للضفة الغربية، اعتبر الرئيس الراحل أن وجوده في رام الله هو تجسيد لوحدة الدولة الفلسطينية المُنتظرة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

يبدو اليوم أن هناك توجّه دولي وخاصة من دول الإتحاد الأوروبي، على مساعدة قطاع غزة وأهلها عن طريق فصلها عن الجسد الفلسطيني والتعامل معها بشكل مباشر ككيان مستقل وليس من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي أرادته وسعت لتحقيقه إسرائيل منذ البداية. هل تحقق حركتي فتح وحماس، مع كل التضحيات والشهداء الذين قدمتهم خلال سنوات طويلة  من النضال والتضحية، ما فشلت الإمبراطورية البريطانية وإسرائيل من تحقيقه خلال قرن من الزمن، من أجل التفرّد والحكم ؟

لقد كان قطاع كبير من ناشطي ومثقفي شعبنا، منذ ابتداع وهم الـ "المصالحة" واجتماعاتها ومآدبها وسياحاتها في العواصم العربية، شديد القلق من نتائج فشلها، وأكثر قلقاً وتخوّفاً من إمكانية نجاحها. ولقد كتبت منذ سنوات أن "الشعب الفلسطيني لا يريد صلحًا عشائريًّا أوعائليًّا أوثنائيًّا بين فتح وحماس يوزّع المكاسب والمناصب بينهما ويمثّل عقلية الاتفاق في المنطق والخلاف في المنطقة، والابتسام والأحضان في الاجتماعات والحوار بالنار والرصاص في الشوارع. الشعب الفلسطيني يريد شراكة لا صلحًا بين فتح وحماس، شراكة في الهدف والوسيلة وقرار الحرب والسلام، وتوافقًا على احترام المواطنين والدفاع عنهم وحمايتهم وفتح الفرص أمامهم وإغلاق أبواب السجون إلاّ في حق. هذه الشراكة يجب أن تضمن جماعية اتخاذ القرار وجماعية التنفيذ، وهي التي تزيد من قوتنا وتأثيرنا في موازين القوى في المنطقة كما أنها هي التي تستجلب احترام العالم ودعمه لمطالبنا".

الشعب الفلسطيني لا يريد صلحاُ ثنائيّاً بين حركتي فتح وحماس أو تشكيل حكومة وفاق، على غرار الحكومات الفلسطينية الماضية والحالية، يتوزعان فيها المناصب والمكاسب، الشعب اللسطيني لا يريد مصالحة بين حركني فتح وحماس يقفزان من خلالها فوق الشعب الفلسطيني صاحب الولاية والشرعية الوحيد في اختيار رئيسه وأعضاء مجالسه التشريعية والوطنية. لا يملك اليوم من كل رؤساء وأعضاء الفصائل الفلسطينية كافة، أو مسؤول في حكومتي فتح وحماس التنفيذينين، ولا أجهزتهما الأمنية المتعددة، بما في ذلك رئيس السلطة الوطنية الذي يحكم بشرعية تواففية مؤقته، ولا المجلس التشريعي الذي انقسم واستهلك مدة شرعيته الانتخابية، ولا رئيس الوزراء ولا الوزراء ولا رئيس حكومة أو نظام حركة حماس في قطاع غزة، لا يملك أياً منهم شرعية الأمر والنهي أو التمثيل والتفويض على أو عن الشعب الفلسطيني، لأن الشعب الفلسطيني لم يختار أياً منهم أو يكلف أياً منهم بهذه المهمة. قد يكون هؤلاء ممثلون شرعيون لتنظيماتهم وأعضائها ولكنهم يحتاجون للعودة للشعب الفلسطيني لنيل شرف تمثيله، والطريق لذلك هي الانتخابات.

الشعب الفلسطيني يريد مصالحة وتفاهم التنظيمات والأحزاب الفلسطينية، وأهمها وأكبرها حركتي فتح وحماس، تحقق الاتفاق على وسائل وسبل إجراء الانتخابات لإعادة الشرعية الوطنية لقيادة الشعب الفلسطيني. وعندما يقول الشعب الفلسطيني كلمته ويحّمل المسؤولية لمن يرى ويختار، يتم التوافق والشراكة وحل المشاكل الداخلية والتصدي لمحاولات فصل الأرض الفلسطينية وقسمة شعبها. كل ذلك بدعم واصطفاف الشعب وراء من اختارهم لتولي الأمور.  إن القيادة الشرعية الجديدة المنتخبة مباشرة من الشعب الفلسطيني هي التي سوف تقوم بتنفيذ السياسة الخارجية والعلاقات مع الأسرة الدولية وفق البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك، كما أنها سوف تجد الحلول الحيادية والعملية العاجلة لموضوع الموظفين الفلسطينيين ، وكذلك التمكين الكامل للوزارة الفلسطينية المشكلة وفق نتائج الانتخابات. فقط قيادة فلسطينية جديدة تحظى بدعم الشعب الفلسطيني وفق انتخابات نزيهة ومباشرة تشرف عليها اللجنة العليا للإنتخابات الفلسطينية وتراقب مجرياتها لجان مراقبة فلسطينية وعربية ودولية وممثلين للجامعة العربية والأمم المتحده، هي  المؤهلة والقادرة على حل المشاكل الفلسطينية الداخلية والتعامل مع الاحتلال والإستيطان الإسرائيلي ومواجهة العالم، صديقاً أو عدوّاً، بشعب ورئاسة وحكومة وفصائل موحّدين في العمل لتحقيق الأهداف الوطنية الشرعية والعادلة للشعب الفلسطيني.

لم يتسنّى حتى تاريخه من قبل كافة اللقاءات والاجتماعات التي تمت خلال عقد من الزمن، بلورة أفكار قد تؤدي، من خلال النقاش والإضافة والتعديل، الى نوع من "خارطة طريق" تضيف لعملية الإعداد والتنفيذ. كانت معظم الآراء والرفض المتكرر والمبرمج من بعض الفصائل الفلسطينية لحل الانتخابات يعتمد على أسباب تتعلق بصعوبة الإلتجاء لهذا الحل، أو إقناع قيادات التنظيمين الأكبر، حركة فتح وحركة حماس، بقبول هذه "المغامرة" التي قد يتخوّف البعض من أنها قد تطيح بأحدهما أو كلاهما إلى خارج حلبة القيادة والريادة، أو أن الانتخابات تستغرق وقتاً طويلاً للإعداد والتنفيذ.

أمّا مرور الزمان وتوالي الأيام فإن  أحداً من شعبنا يمكن أن يفكر بأن اللجوء للإنتخابات كحل وحيد ممكن للأزمة الفلسطينية الفلسطينية قد يسنغرق ثلاث عشرة عاماً كما استغرقت  سنوات المحاولات الفاشلة للتوصل لـلمصالحة التي لم يتحقق منها شيء حتى تاريخنا المعاصر. إن عملاً جاداً باتجاه تحقيق انتخابات فلسطينية رئاسية ونشريعية قد لا تستغرق أكثر من عدة أشهر من الزمن إذا ما صدقت النوايا.

أما تمنّع حركني فتح وحماس فهو الذي يعتقد المراقبون أنه السبب الرئيس الذي أفشل وقد يُفشل كل الجهود الصادقة الهادفة للخروج  من المأزق الفلسطيني الذي يكتوي الشعب الفلسطيني منه. إن حركتي فتح وحماس هما الفصيلين الفلسطينيين الأكبر والأقوى في الساحة الفلسطينية، ولكنهما  ليسا من يمثّل فلسطين ويقرر من يحكمها وكيف، وإنما يقرر ذلك  الشعب الفلسطيني الصابر الصامد المناضل الذي لا زال يأمل  ويرجو المشاركة الفاعلة والصادقة من التنظيمين الرائدين بديلاً عن احتمالات غروب شمسهما من الأفق الفلسطيني. على قيادات حركتي فتح وحماس أن يختارا أن يكونا جزءاً من تاريخ التهوض والإنتصار الفلسطيني أو جزء من الهزيمة الفلسطينية.  

علينا أن نخطو خطوات جريئة وممكنة قد تقودنا إلى أول طريق الإنتصار. خطوات يمكننا أن نخطوها لنعطي شعبنا الأمل باننا على أول الطريق الصحيح، خطوات قامت بأصعب منها حركة فتح في ظروف  ومدى أضيق في عام 1964، خطوات مشتها حركة حماس بالجرأة والتضحية في عام 1987، خطوات يتحتم علينا أن تتخذها الآن وقبل أن يطبق اليأس على واقعنا وحاضرنا ومستقبلنا. اليوم يوم المكرمة وليس يوم الملحمة ما بيننا.

الخطوة الأهم اليوم هي التوصل لاتفاق حول "برنامج سياسي فلسطيني مشترك" يحدد باختصار الأهداف السياسية والمجتمعية للشعب الفلسطيني والتي لا يبدو أن هناك اختلاف حولها. إن البرنامح السياسي المشترك هو الضمان لتناسق العمل السياسي والمجتمعي للعمل الفلسطيني بكافة أوجهه، وهو الضمان لعدم تكرار تجربة الانتخابات التشريعية لعام 2006 التي أوصلت حركتي فتح وحماس لشراكة سياسية فاشلة بسبب برنامجيهما المتصادمين والمختلفين على كافة الأصعدة السياسية والمجتمعية.

إن البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك لا يلغي خصوصية الممارسة لأيّ تنظيم فلسطيني، ولا يتبنّى منهج حركة أو فصيل معيّن، لأنه يحدد فقط الأهداف العامة وأسس العمل المشترك. والبنود التالية المقترحة، والخاضعة للإضافة والتعديل والحذف، هي مثال قد يكون صالحاً باختصاره وشموليته للمواضيع العامة وابتعاده عن القضايا التفصيلية والمتنازع عليها والتي سوف يتم بحثها والإتفاق حولها في وقت قصير قادم. إن تحقيقنا وموافقتنا على الخطوة الأولى سوف يسهّل الإنتقال للخطوة الثانية في الطريق للخروج من الأزمة الحالية الخطيرة.

قد يكون "البرنامج السياسي الفلسطيني المشترك" على غرار الأسس المقترحة التالية، والتي تحتمل بدون أي شك التعديل والإضافة والشطب والتغيير للنوصل إلى صيغة تقبل بها الفصائل والأحزاب الفلسطينية، وتمهّد الطريق لاستمرار بذل الجهد للتوصل إلى اتفاق شامل يقود لتحقيق  إنتخابات فلسطينية شاملة تحظى باحترام وتقدير ودعم شعوب وحكومات العالم.

 اولاً: تؤكد كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية الموقّعة على هذا البرنامج اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطيني ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني، وتشيد بتأكيد حركة حماس للعمل الفوري لاستكمال توسيع عضوية منظمة التحرير لتشمل كافة الفصائل والأحزاب السياسية الفلسطينية. وتؤكد  كافة الفصائل والأحزاب التزامها بميثاق منظمة التحرير، والمشاركة في كافة أجهزتها وإداراتها السياسية والاجتماعية، واحترامها لمبادئ اختيار رئيسها ومسؤوليها وانتخاب أعضاء مجلسها الوطني.

ثانياً: تعترف كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية الموقّعة على هذا البرنامج بشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية ، وتؤكد أهليتها التنفيذية لإدارة شؤون الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده في الوطن والشتات. وتتعاهد كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية بالبدء فوراً في تشكيل اللجان اللازمة لتطوير وتفعيل عمل منظمة التحرير الفلسطينية، وفق المبادئ والأسس الواردة في إتفاق عام 2011.   

ثالثاً: تتمسّك كافة المنظمات والفصائل والأحزاب الفلسطينية بحق الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية وفصائله وأحزابه، في المقاومة والتصدي لأي عدوان أو اجتياح

خارجي على الأراضي الفلسطينية. ويحتفظ الشعب الفلسطيني وفصائله وأحزابه  بحق الرد بكافة الوسائل دفاعاً عن الشعب والأرض الفلسطينية.                          

رابعاً: تتعهد كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية المنضوية في عضوية منظمة التحرير الفلسطينية بالدخول فوراً في محادثات تتعلق بالتحضير لإجراء انتخابات لمجلس وطني جديد وانتخابات تشريعية ورئاسية خلال ستة أشهر.

خامساً: تتعاهد كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية على الالتزام بمبادئ فصل السلطات، والحفاظ على الحريات العامة وحقوق المواطنين، وحرية المعارضة والتظاهر السلمي، وتطبيق حكم القانون، وقواعد تداول السلطة.

يحدد القانون الأساسي الفلسطيني موعد الانتخابات الرئاسية بانتهاء الفترة الزمنية لولاية الرئيس، وهي أريع سنوات، أو شغر منصب الرئاسة، على أن يقوم رئيس المجلس التشريعي بمهمات رئيس السلطة الوطنية المقررة بالقانون الأساسي لمدة ستين يوماً يتم خلالها تشكيل وزارة مصغّرة ومحايدة لتسيير الأمور والتحضير للانتخابات الجديدة. بينما تنتهي ولاية أعضاء المجلس التشريعي بمرور فترة أريع سنوات على استلامهم للمهمات التشريعية وبعد أداء أعضاء المجلس الجديد قسم استلام المهمة التشريعية، ويحق لرئيس السلطة الوطنية وأعضاء المجلس التشريعي الترشح لولاية ثانية وفق ألأحكام الواردة في القانون الأساسي.

هناك مشكلتن أساسيتين  تعترض تنفيذ تلك الخطوات القانونية، تتمثّل ألأولى بأنه لا يوجد اليوم ولا خلال السنوات العشر الماضية، مجلس تشريعي فلسطيني شرعي، وبالتالي رئيساً له، بسبب انقسامه أولاً في عام 2007، وثانياً لانتهاء مدة ولاية المجلس السابق منذ ثمانية أعوام. والمشكلة الثانية هي ضرورة التوصل  والاتفاق إلى وسيلة تحقق شغر منصب رئيس السلطة الوطنية  الحالي الذي يشغله حاليّاً الرئيس محمود عباس والذي اكتسب شرعيته التوافقية  بقبول جميع الفصائل والأحزاب الفلسطينية وتأييد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

يمكن معالجة المشكلة الأولى المتعلقة بالرئيس المؤقت الذي اشترطه القانون الأساسي لتحمل مسؤوليات رئيس السلطة الوطنية في فترة الانتخابات وفق الإقتراحات التالية: *أن يقوم المجلس الوطني الفلسطيني القادم أو المجلس المركزي للمجلس الوطني، بانتخاب رئيس محايد للمجلس الوطني يقوم برئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية خلال الـ60  يوماً التي نص عليها القانون الأساسي.

*أو أن يتم اتفاق الفصائل والأحزاب الفلسطينية على شخصية محايدة ومؤهلة للقيام بهذه المهمة.

أمّا فيما يتعلق بشغر منصب رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية للتمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية فهناك عدة سبل لذلك:

*قيام المجلس الوطني القادم بتحديد موعد لانتخابات رئاسية وتشرعية،  وقبول استقالة رئيس السلطة الوطنية الحالي، وترشيحه لفترة رئاسية ثانيه  بموافقة اللجنة المركزية لحركة فتح.

*قيام الرئيس الحالي بالإستقالة وترك موضوع ترشحه لفترة ثانية لقرار حركة فتح بعد إعلان موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

إن العودة لشرعية القيادة السياسية والتشريعية الفلسطينية سوف يعزز الأداء الفلسطيني الرسمي داخليّاً وخارجيّاً. كما سوف ينهي التجاذب الحالي بين حزبين رائدين قدما تضحيات جسيمة خلال سنوات طويلة لرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني وتحقيق الأهداف التي يصبو إليها. إن العالم بأسره سوف يدعم القيادة الشرعية الفلسطينية الجديدة التي اختارها الشعب الفلسطيني، ويستمع لمطالبها الموحّدة، وعملها المتناسق وقدرتها على حل مشاكلها الداخلية.      

لقد أثبتت اللجنة العليا للإنتخابات الفلسطينية التي أشرفت على الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية الفلسطينية السابقة على حياديتها وكفائتها ونزاهتها التي شهد بها واحترمها العالم بأسره. الأمر الذي سوف يتكرر في الانتخابات القادمة ويتناغم مع إشراف العديد من المنظمات الأهلية الفلسطينية والعربية والدولية وكذلك الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لتأمين الحيادية والنزاهة والمصداقية للانتخابات الفلسطينية القادمة.

إن الانتخابات الرئسية والتشريعية هي المخرج الوحيد والضمان الأفضل للخروج من الأزمة الفلسطينية الفلسطينية التي نعيشها اليوم، والتي  لا يستفيد منها سوى القوة الغاشمة لدولة الإحتلال والإستيطان. إن العالم كله يعترف بنا ويؤيد مطالبنا الشرعية ويمد يده لنا، وعلينا أن ننبذ خلافاتنا ونوحّد نضالنا وجهادنا ونحدد أهدافنا ونرحم شعبنا. إن ما ينتظر قيادة حركتي فتح وحماس هو النصر معاً أو الفشل والإنهزام معاً.        

 

 

الالالخطوة الثاني