التطبيع المخادع
الآن بعد أن برد الرماد وصمتت الطبول والمزامير وهدأت ادعاءات البطولة والوطنية المغلّفة بالسباب والاتهامات المتبادلة من بعض الطرفين ، وبينما يشهد العالم بأسره شكاء الفلسطينيين ومعاناتهم منذ أكثر من قرن من الزمن، ويرى ويسمع الجرائم الإسرائيلية المتتالية ضد حقوق الفلسطينين الشرعية في الحياة والاستقلال. يلملم من ناحية أخرى الشعب الأماراتي غضبا صامتا ترنّم به فصيل من فلسطينيين وعرب، أدمنوا الاتهام وليس التفاهم، والغضب وليس النقاش.
لم يمض وقت طويل على إعلان التوصل لاتفاق تطبيع بين دولة الإمارات ودولة إسرائيل بترتيب ووساطة أمريكية حتى هبطت طائرة مدنية إسرائيلية في مطار عاصمة دولة الإمارات مرورا عبر إجواء المملكة العربية السعودية وبإذن منها تحمل وفد أمريكي وآخر إسرائيلي لدعم اتفاق "التطبيع". في اليوم التالى لزيارة وفدي الولايات المتحدة وإسرائيل لدولة الإمارات، أعلنت إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية التوصل لاتفاق "التهدئة"بوساطة قطرية. يثير مفهوم "إتفاق" المستعمل من الأطراف المتعاقدين، إسرائيل والإمارات وحماس، البلبلة حول الفارق بين إتفاق التطبيع واتفاق التهدئة، هل هما تعاقد طويل الأمد قد يصل إلى مستوى إتفاقات الهدنة بين إسرائيل والدول العربية المشاركة في حرب عام 1948، أو أنها راحة المقاتل للعودة للحرب والنزال بعد التزود بالإسمنت والتموين والكهرباء وربما الصواريخ والبالونات الحارقة؟
العقدة التي تجابه الجميع في هذه المرحلة تتجاوز معظم الأزمات التي مرّت بين الفلسطينيين و"العرب". ومن حق الرئيس الفلسطيني أن يغضب ويعلن بأن "التطبيع" لن يقود للسلام، وهو يدرك بأن الرفض أيضا لن يقود للسلام، وأن أخطر نتائج مجرد الرفض والغضب هو الصدام العربي العربي والعودة لمراحل الأمر الواقع مع إسرائيل الذي أنهك الفلسطينيين ولا زال. هناك ثوابت، لا يحسن للمسؤولين الفلسطينيين التعرّض لها، لأنها تتحكم بسياسات الدول العربية، وهي ثوابت تتعلق بالحياة والموت لهذه الدول وحكامها، وقد يكون بعضها يتعارض مع السياسات الفلسطينية ومواقف "فصائلها" وتحالفاتهم الإقليمية المتضاربة وانقسامها وحروبها.
يدير الرئيس الفلسطيني صراعا قاسيا مع الإسرائيليين وحلفائهم، صراع يتطلب تحشيدا واسعا للفلسطينيين مقيمهم ولاجئهم، وهذا للأسف لم يتواجد بعد. وتتطلب المواجهة الجديدة لاسترداد جزء من حقوقنا الشرعية فريقا من خبراء محنكين حول الرئيس قادرين على النصيحة ومؤهلين لسبر أغوار الأفكار السياسية وتجنب الأخطاء والخطايا، أفكار تفتح أبواب الإنطلاق وليس التحصن خلف تصريحات طنطانة وضارة يتم لحسها بعد هنينة من الزمن بلا حياء، وهذا أيضا للأسف غير متواجد لأسباب مختلفة. لم تعد القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للدول العربية، وهذا ليس تطوّرا ضد الفلسطينيين ولكنه لصالح تطورات ثوابت الدول العربية على اختلافها. القضية الأولى لدولة الإمارات وغيرها من دول الخليج هو منع ابتلاعها من دول مجاورة، والقضية الأولى للمصريين هي منع المنظمات الإرهابية أن تعشش في مدن وقرى وحوار مصر. وهكذا دواليك، هل يمكن ان تكون قضية فلسطين هي القضية الأولى لدولة السودان وأهلها يتضورون جوعا وحكامها منهمكين في تحسين دخولها وتوظيف شبابها وعلاج أطفالها؟، على الفلسطينيين اليوم أن يحاولوا إيجاد أهداف وتعاون وتحالف يأخذ في اعتباره مصالح الشعب الفلسطيني وثوابت الدول العربية والصديقة، وهذه مهمة تحتاج لكثير من الجهد والتفهّم
يعرف الجميع فحوى ومعنى إدراك حكمة تغيّر الأحكام بتغيّر الزمان. لم يعد يتسع الوقت كما كان منذ عام 1948 لمقاطعة إسرائيل، أوتجاهل إسمها، أو إلصاق لقب المزعومة بعد إسمها، أو استبداله باسم الأرض المحتلة. أو الدعوة لشن حروب لاسترداد فلسطين التاريخية وإعادة اللاجئين. وتعالت الأصوات والقوانين لمنع الفلسطينيين والعرب من التعاون الاقتصادي والصناعي والتجاري مع الكيان الصهيوني. اليوم يزحف مئات الآف من العمال الفلسطينيين ويتزاحموا في خدمة الاقتصاد الإسرائيلي. هل تنازلنا نحن عن حقوقنا وأرضنا جيل بعد جيل، تطبيع بعد تطبيع، أم أن انتهاب أرضنا ومدننا وحقوقنا حصل ببساطة شديدة لأن قياداتنا على مسار عقود من الزمن لم تستطع تحقيق ذلك، لأسباب نعرفها جمبيعا.
أصبح التطبيع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي واقع لا يمكننا كفلسطينيين تجاهله، لأننا "كفلسطينيين" أوّل من أُرغم على التطبيع مع الواقع والمجتمع الإسرائيلي بعيد نكبة عام 1948، لا خيانة ولا جبنا ولا رغبة ولكن نتيجة لضرورات ضمان استمرار الحياة وتمديد جداول البقاء والأمل لأجيالنا القادمة لتحقيقها، ليس لأنّا فشلنا، ودمائنا لا زالت تزيّن أرض بلادنا وزغاريد أمهاتنا لا زالت تودع شهدائنا وترعى اسرانا وجرحانا، ولكن ليستمر شعبنا يحمل بعض المسؤولية على ظهورنا المتعبة خطوة أو خطوتين. لم يكن التطبيع خيارا فلسطينيّا ولكنه كان وسيلة للبقاء، دفعنا كفلسطينيين لذلك التطبيع القسري حين أدراك شعبنا أن لا جيوش ستزحف، ولا استرداد بالسلاح لمدن وقرى، وحقول ومباني ومساجد تعود لأهلها، ولا عودة مفرحة للاجئين لمدنهم وقراهم. هل منع ذلك"التطبيع" الفلسطيني القسري شعبنا من النضال والتضحية؟
لم يمض عقد ونيف لنكبة عام 1948 حتى ابتدأ الحراك الفلسطيني الوطني في العبائة العربية للنزول في ميدان الصراع مع إسرائيل، ثم قفز في عام 1964 لتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية بقرار عربي، ثم فرض قيادة فلسطينية لمنظمة التحرير تولاها الرئيس الشهيد ياسر عرفات الذي كانت مجموعاته وسراياته تزداد وتقوى. صيف عام 1967 فتح الباب على مصراعيه لتحشيد فلسطيني أثبت جدارته ووجوده. كان خروج الفلسطينيون من عمان، ومن ثم من بيروت عام 1982، والحرب الأمريكية العراقية، بداية النهاية لتلك المرحلة وقبعت منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها وكوادرها في تونس الجميلة بانتظار طلقة الرحمة.
كان التفكير في ضرورة إيجاد وسيلة أخرى أكثر فاعلية سياسية من مجرد النضال المسلّح تدور في أذهان القادة الفلسطينية منذ فترة زمنية طويلة. كانت هناك نقاط تحفيز لتفكير مختلف وأكثر فاعلية وتقبّلا من الأسرة الدولية. فوجئ الرئيس الفلسطيني عرفات في أول لقاء له مع الرئيس السوفياتي بريجينيف الذي بادره قائلا " أيها الرفيق عرفات متى ستعترف بإسرائيل". في مناسبة أخرى سألت كل من الشهيد عرفات والقائد الشهيد صلاح خلف أبو إياد في مناسبتين مختلفيتين، أثناء وجودنا في تونس وبدء الحراك نحو إعلان الدولة الفلسطينية، عمّا دفعهما لتغيير مسار الهدف الفلسطيني من تحرير فلسطين إلى إقامة دولة فلسطينية على جزء من فلسطين، أجاب كلاهما بمعنى أن القرار كان ملحّا في أذهانهم وهما على متن السفينة التي أخرجتهم من بيروت. كانت القيادة الفلسطينية، وبالذات ثلاثي الرئيس عرفات والقائد أبو إياد والرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، متفتحة لهذا الإتجاه منذ عام 1974 حيث التقى الرئيس عرفات في رحلته الأولى لنيويورك، بمجموعة من المثقفين الفلسطينيين الأمريكيين، وتكرر اللقاء فيما بعد في بيروت ومن ثم تونس، حيث أجمعوا تقريبا عن نصيحيتين للقيادة الفلسطينية هما محاولة فتح حوار هادئ مع الولايات المتحده، وتحديد الهدف الفلسطيني الوطني المنشود، الأمر الذي كان تتشارك فيه أيضا دول عربية وأوروبية وصديقة.
كانت القيادة الفلسطينية الموحّدة في ذلك الوقت، المدعومة من غالبية الشعب الفلسطيني، أدرى وأجرأ على انتهاز الفرص التي تتقدم بالواقع الفلسطيني ومطالب شعبها، وأقدمت بكل شجاعة وإدراك لعملية "التطبيع" ومن ثم التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل عام 1993 لأنها رأت أنها واعدة لتحقيق المطالب الشرعية الفلسطينية الشرعية. نفس تلك القيادة هي التي قادت الانتفاضات والصدام المسلّح الفلسطيني في بداية سنوات التسعينات عندما تراجعت إسرائيل عن تنفيذ بنود اتفاق السلام. تتمسك القيادة الفلسطينية الحالية بحتمية التزام إسرائيل بتنفيذ المطالب الفلسطينية الواردة في اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي والمؤيدة من الأمم المتحدة وغالبية دول العالم. كان اتفاق السلام الفلسطيني الإسرائيلي في حقيقته اتفاق "تطبيع" بين فلسطين وإسرائيل ولكنه انتهى بتحويل الهدف الفلسطيني السياسي القديم بإزالة دولة إسرائيل إلى قبول تقاسم ظالم لها. "تطبيع" لم يتسنى له النجاح ولكنه كان الوسيلة الوحيدة للبقاء والاستمرار. توافق اليوم كل الفصائل الفلسطينية المتنافرة بما فيها حركتي حماس والجهاد على أن الهدف السياسي الفلسطيني المنشود هو حل الدولتين، ولكن حل الدولتين في الواقع هو اتفاق "تطبيع" بين فلسطين وقيادتها وفصائلها وبين إسرائيل، اتفاق تدعمه الغالبية من دول العالم، والأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين.
هل التطبيع يعني أن تنحاز دول عربية لجانب إسرائيل وضد الفلسطينيين؟
لقد أعلنت أقرب وأهم دولتين عربيتين، مصر والأردن، في سنوات سبعينات القرن الماضي التطبيع والسلام بينها وبين إسرائيل. فهل دعمت أو تغاضت أيّ منهما عن مخططات إسرائيل لابتلاع المزيد من أرضنا؟ أو تهاونت أيّ منهما عن دعم نضال شعبنا ومبادئ حقوقنا؟ أو إدانة جرائم إسرائيل المتكررة ضد شعبنا؟ وفي ميدان التطبيع المعروف وغير المعلن لدول عربية مع إسرائيل تقوم دولة قطر التي لم تعلن عن التطبيع مع إسرائيل ولا وقّعت معاهدة سلام بينهما ولكنها على علاقات قوية مع إسرائيل وتنسيق قوي ومباشر معها، ومع حركة حماس باعتبارها أحدى الدول المانحة بكرم لجزء من الشعب الفلسطيني ولحاكميه في قطاع غزة. تعلن تركيا "المطبّعة" مع إسرائيل منذ قيام إسرائيل، دعمها للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ولكنها ليست على وفاق مع السلطة الوطنية وتدعم حركة حماس. تقف دولة "إيران" التي لا تعترف ولا تتطبّع مع إسرائيل بدعم حركة حماس، وبعض من فصائل أخرى، ولا تؤيد أهداف الحكومة الفلسطينية الوطنية وتعارض قيادته الشرعية.
من حق الشعب الفلسطيني أن يغضب ويحزن ويقلق كلما شهد ابتعاد دولة عربية عنه مقدار خطوة أو أقل. وعلى الدول والجماهير العربية تفهّم هذا الرابط القدري بين الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. قد يكون ما أثار بعض رد الفعل الفلسطيني الغاضب تجاه الإعلان الإماراتي بتطور العلاقات مع إسرائيل هو عدم ربط الإلتزام الإماراتي تجاه الفلسطينيين وقضيتهم بشكل صريح وحاسم بإعلان اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي. من الملاحظ والمثير القرار الإسرائيلي الذي أعلن بشكل غير مترابط مع إتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي والذي أعلنت فيه الحكومة الإسرائيلية الإنصياع للتنازل عن ضم أراضي فلسطينية في الضفة الغربية تمثّل ثلث مساحتها. ولو ثبت هذا الإلتزام الإسرائيلي فإنه يمثّل المرة الأولى لتراجع إسرائيل عن أراض فلسطينية احتلتها منذ عام 1948. هل هذا القرار الإسرائيلي المؤيد والمدفوع من الولايات المتحدة جاء نتيجة للتطبيع الإسرائيلي الإماراتي؟ يرى بعض المراقبين الأجانب أنه قد يكون السبب الوحيد لعودة إسرائيل لتنفيذ قرار الضم هو إصرار الفلسطينيين على رفض اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.
على مدار سنوات النضال الفلسطيني لاسترداد حقوق الشعب الفلسطيني منذ بداية المؤامرة الصهيونية ضد الشعب والأرض الفلسطينية، تغيّرت وتحددت المطالب السياسية الفلسطينية وفق الظروف التي بها الوضع الفلسطيني والعربي والدولي. خلال المسيرة الفلسطينية والسياسة الطويلة تبدد مطلب استرداد فلسطين من البحر للنهر ليس لأنه خوق من الفلسطينيين و"العرب" تناطئ أو غير شرعي ولكن لأنه لا يمكن تحقيقه في الحاضر. منذ بدايات العقد الأخير من القرن الماضي تبنّت معظم القيادات والفصائل الفلسطينية، ثم تبعتها كافة الفصائل الفلسطينية، حل الدولتين الذي قررته الأمم المتحدة وكافة القوى الدولية الأعظم والدول العربية وأعلنت الدولة الفلسطينية الجديدة في الجزائر في عام 1988 وأصبح إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الهدف المنشود والمطلب الأساس، بشروطها الثلاث المتمثلة في استقلالية الدولة الوليد، وعاصمتها القدس الشريف وفي حدود واقع عام 1967.
أصبح ذلك الهدف هو الممكن والأعدل في الفترة الحالية، وأصبح ذلك الهدف هو أساس الموقف والمطلب الفلسطيني والسعي لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف على حدود متعارف عليها دوليا ومقبولة من القيادة الفلسطينية. ولقد رفضت القيادة الفلسطينية في سبعينات القرن الماضي الموافقة أوالمشاركة في اتفاق السلام المصري الإسرائيلي واتفاق السلام الأردني الإسرائيلي بسبب عدم توفر المطلب الفلسطيني الأساس في إقامة دولة فلسطينية، بينما شاركت القيادة الفلسطينية ذاتها في تسعينات نفس القرن الماضي، بدون مشاركة مشاركة أو موافقة دولة عربية واحدة، وقبل حوالي عشرين عاما من بدء الحديث عن اتفاق سلام بين دولة اتحاد الإمارات. كان ذلك عندما لاحت ملامح دعم دولي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وذات سيادة وعاصمتها القدس في حدود عام 1967. انغمس الفلسطينيون بجديد وصدق في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل نفسها دون خوف ولا وجل في وقت لم تكن فيه أي دولة عربية أخرى تفكر أو تتعامل في مجرد فكرة السلام مع إسرائيل. لقد قبل الفلسطينيون عندما كانت هناك فرصة لتحقيق الهدف الفلسطيني الأهم، وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة في خوض تلك الفرصة السانحة لتحقيق الدولة الفلسطينية، وكان الرئيس محمود عباس ثاني فرسان تلك التجربة. أسقط الفلسطينيون اتفاق أوسلو لأنه عجز عن تحقيق المطلب الفلسطيني الأهم وهو لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وليس لسبب آخر. وابتدأ الانغماس الفلسطيني الدامي بالإنتفاضة والجهاد والدم والشهداء والجرحى والأسرى ولا زال.
لقد قبل الفلسطينيون الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل على أمل تحقيق الهدف، وانتفض الفلسطينيون أيضا ضد الاتفاق بسبب انهيار الأمل بتحقيق الهدف. لماذا يرضخ الفلسطينيون اليوم، للوضع الذي رفضوه منذ أكثر من عقدين من الزمن، وهو استرداد ما يمكن من الأرض في ظل القرار المنشود لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، الهدف الذي بذل أشرف وأطهر الفلسطينيون حياتهم لتحقيقه.؟
ألا يستحق الفلسطينيون الحق في رفض اتفاق غير مطلوب منهم الموافقة عليه؟
وماذا سوف يفعل الفلسطينيون لو انضمت دول عربية أخرى في طابور السلام مع إسرائيل إن آجلا أو عاجلا؟
الدول العربية والدول الصديقة التي أيّدت وتؤيد كفاح الشعب الفلسطيني، والتي شاركته في الحرب والدم، وقاسمته الحياة واللقمة والعمل، ودعمت تحقيق أهدافه الشرعية، والتي ساهمت في تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وأيدت إعلان الدولة الفلسطينية عام 1988. أليس من حق الفلسطينيين على تلك الدول التي تملك الحق بلا جدال في ما تراه يؤمن مصالحها الوطنية والأمنية والسياسية والاقتصاديه، على أن لا تتجاوز أو تهمل أو لا تشترط حق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة وقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967؟
إن الشعب الفلسطيني يريد ويتمنى ويشكر دعم العرب لتحقيق آمالهم الوطنية، ولا يريد أن يقوم العرب بتحقيق تلك الأهداف أنفسهم بديلا عن الشعب الفلسطيني وقيادته. وربما كان ذلك السبب الذي أوقع جزء من الصراع والصدام بين الفلسطينيين وإخوانهم في دولة الإمارات.
مروان كنفاني
27/8/2020